تسعة عشر سنة في مخيمات اللاجئين وتسعة عشر سنة من المعانات الإنسانية وتسعة عشر سنة بدون حقوق ولا حرية ولا جنسية ولا نظام إلا نظام مخيم اللاجئين شرق موريتانيا ( إما في مخيم باسيكانوا أو مخيم فصالا أو مخيم أمبرة أو مخيم أغور... أو مخيمات في دول أخرى مثل الجزائر وبوركينا فاسوا ...) وتسعة عشر سنة بلا مدارس ولا رعاية طبية.
بدأ الناس من الهروب من نيران جيش كل من دولة مالي والنيجر في التسعينات من القرن المنصرم وخاصة بعد صدور المرسوم الجمهوري في دولة مالي الذي يأمر بما يسمونه بعملية كوكاجي ( ) أي الأمر الصريح في إبادة الأزواديين دون بحث عن أي مبرر يكف فقط أن تكون أزوادي منذ ذلك الحين لم تزل كل من مخيم أمبرة وأغور ملئ من اللاجئين الذين لا يكادون يصدقون أية عملية سلام تتم بين طرف المناضلين وطرف الحكومة بعد ما شاهدوه من مذابح وتقتيل بدون شفقة ولا رحمة وبعد ما وصلوا إليه من قناعة بأن كل من حكومة مالي والنيجر لا تقتلهم من آجل ذنب ارتكبوه وإنما يقتلون من آجل ربما لونهم أو ربما من آجل وجودهم في شمال كل من دولتين أو ربما من آجل حفظهم لتاريخهم أو تناسلهم أو غير ذلك- الحقيقة التي توصلوا إليها هي أنهم مستهدفون في كل الأحوال والأوقات وأن الحكومة لا تحتاج إلى مبررات لقتلهم أو ذبحهم وخاصة عمليات الإجرام التي تقوم بها كل من حكومة مالي والنيجر غالبا ما تكون في صحراء قاحلة بعيدة كل العبد عن شاشات القنوات الدولية ومن المعلوم أيضا أن هذه الدول تقوم بحظر في شمالهما خشية أن تكتشف هذه الحقائق الواقعية.
19 سنة كافية لنشأة جيل كامل وذهاب جيل أيضا بكامله.
هذا الجيل أي الجيل الذي نشأ في مخيمات اللاجئين يمتاز بخصائص هامة :
قبل أن أشير إلى خصائص هذا الجيل أود أن أذكر معلومة مهمة وهو أن أغلب شباب من هذا الجيل يحملون جنسيات دول أخرى وبعضهم درس في ظروف قاسية في دول أخرى أيضا ولكن لم ولن ينسوا تاريخهم المرير وما فعلت بهم كل دولة مالي والنيجر وفعلته بآبائهم، الخصائص التي أردنا الإشارة إليها هي كالتالي:
1) أن الحقائق عندهم واضحة كوضوح الشمس
2) أنهم يعرفون العدو معرفتهم لآبائهم
3) أنهم يؤمنون بأزواد كدولة
4) أن هدفهم هو العمل على تحقيق النصر
5) أنهم لا يؤمنون بالقبلية ويريدون الوحدة بغية التأثير ومن آجل استقلال أزواد
كانت الأمم المتحدة تنفق على هذه المخيمات ما بين عام 1991-1995 لكنها أوقفت معوناتها بحجة الاتفاقية التي تم إبرامها بين المناضلين الأزواديين والحكومة المالية، ومارست أجهزة الأمم المتحدة كثير من أمور الدعاية في ترغيب الناس في الرجوع إلى الوطن لكن هؤلاء المساكين الذين شاهدوا بعيونهم الموت لم يصدقوا أمم المتحدة خاصة الأمم المتحدة لم ترفع قضية واحدة تتهم فيها بجدية حكومة مالي ولا حكومة النيجر بما قامتا بها .
فعلا نجحت الأمم المتحدة في إعادة بعض الناس لكن بقي بعض الناس قيل : ما يقارب مئات الآلاف والبعض يقول بأن الباقون قد يصلون إلى أكثر من ذلك .
وتبقى دول شمال إفريقيا تشاهد هذه الأعمال كأن لا حول ولا قوة لها وعدد كثير من المحللين يتوقع أن تسحب هذه الدول سفاراتها في كل من دولة مالي والنيجر بعد قيامهما بهذه الأعمال الشنيعة ضد الشعب الأزوادى البدوي بطبعه لكن مع الأسف الشديد لم تسحب أية دولة سفارتها ما عدا الجمهورية الشعبية الصينية التي قالت بأن : إن كانت حكومة مالي تقتل شعب الشمال فقط لكونهم بيض فهي أيضا أبيض وبهذه الحجة سحبت الصين سفيرها من دولة مالي وأعادته بعد توقيع السلام
.
الاثنين، ١٣ أبريل ٢٠٠٩
ماذا تنتظر حكومة مالي والنيجر من هؤلاء الأطفال احترام أم عداوة ؟
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 شــارك بـرأيــك:
إرسال تعليق